
قصتنا النهاردة امتداد للأسطورة الأشهر على الإطلاق في التاريخ البريطاني، أسطورة الملك آرثر وفرسان المائدة المستديرة… النهاردة هنحكي قصة “سير جاوين والفارس الأخضر”Sir Gawain and the Green Knight
القصة ظهرت في القرن الرابع عشر في شكل قصيدة شعرية مجهولة المصدر بتحكي عن حادثة غريبة حصلت في بلاط الملك آرثر أثناء احتفاله بالكريسماس مع فرسان المائدة المستديرة. آرثر كان قاعد مع فرسانه وبعض من أهله ورعاياه المقربين ياكلوا ويشربوا ويهزروا ويحكوا مغامراتهم وحاجة أخر انسجام.. فجأة لقوا فارس ضخم لونه أخضر داخل عليهم وفي ايده فأس. طبعًا أول ما شافوا المنظر ده، آرثر وفرسانه تأهبوا وأمسكوا بسيوفهم استعدادًا للقتال، بس الفارس الأخضر تكلم بصوته الرخيم وقال لهم مايقلقوش لأنه مش جاي يتحداهم، هو بس عايز يلعب معاهم لعبة.
آرثر وفرسانه بصوا لبعض باستغراب، “لعبة إيه اللي الرجل الأخضر ده عايز يلعبها معانا!” الفارس الأخضر استرسل بكل هدوء وقال “كل اللي طالبه أن حد منكم ياخد الفأس اللي في ايدي ده ويضربني بيه ضربة واحدة، وفي المقابل، وبعد سنة واحدة بالظبط، الشخص ده هيسافر للكنيسة الخضراء وهيلاقيني هناك علشان أرد له الضربة بنفس ذات الفأس”..
آرثر أخدته الجلالة وعرض أنه يقبل تحدي الفارس الأخضر، ولسه وهو رايح ياخد الفأس منه سمع صوت واحد طلع زي الفرقلة كده وقال “أنا قبلت التحدي!”.. كله بص نحو مصدر الصوت ولقوا أنه سير جاوين، ابن أخت آرثر وأصغر فرسانه. آرثر قعد يقول له “يا بني يهديك يرضيك” والتاني رأسه وألف سيف هو اللي يدخل التحدي (حماس الشباب بقى معلش). جاوين بياخد الفأس من الفارس الأخضر وبيضربه ضربة واحدة طيرت رقبته! كل الفرسان هيصوا وقعدوا يحتفلوا بجاوين لحد ما فجأة نزل عليهم سهم الله لما شافوا الفارس الأخضر بيقوم وبيلتقط رأسه كأنه ماسك بطيخة نمس وبيوجهها ناحية جاوين، الرأس تكلمت وقالت: “هشوفك بعد سنة من النهاردة في الكنيسة الخضراء.. نفس الوقت هتيجي ومعاك الفأس في ايدك علشان أرد لك الضربة”.. وبياخد الفارس الأخضر رأسه في إيده وبيمشي وبيسيب آرثر وفرسانه في حالة ذهول.
جاوين كان ممكن يكبّر دماغه وينفّض للفارس والفأس والجنان ده ويفضل قاعد في بيته وسط أهله مُعزز مُكرم، بس بما أن ده طبعًا مش من أخلاق الفرسان والفارس الحق لازم يلتزم بوعوده، جاوين بيقرر يسافر ليواجه مصيره. السنة بتعدي هوا، وقبل الكريسماس بكام أسبوع جاوين بياخد الفأس اللي سابه الفارس الأخضر وبيودع الملك آرثر وبينطلق في طريقه بحثًا عن الكنيسة الخضراء.
في طريقه للكنيسة جاوين بيواجه الكثير من التحديات والصعوبات بس علشان هو فارس بقى بيعدي منهم لحد ما بيلاقي نفسه عنده قصر كبير في حتة مقطوعة. جاوين بيلجأ لأهل القصر علشان يطلب منهم المأوى لبضع ساعات وبيكتشف أن اللي عايش في القصر لورد وزوجته وسيدة عجوز مابتتكلمش خالص. اللورد بيرحب بجاوين ولما جاوين بيحكي له قصته، اللورد بيقول له “الكنيسة الخضراء فركة كعب من هنا وأنت لسه قدامك أيام لحد ميعادك مع الفارس الأخضر، فأنت تقعد معانا ترتاح وتنورنا.. ده بيتك يا راجل!” جاوين بيوافق بس بيقلق لما اللورد بيعرض يلعب معاه لعبة غريبة شوية. اللورد طلب من جاوين يقعد في القصر طول النهار لحد ما هو يرجع من رحلة الصيد بتاعته، وأول ما هيرجع هيتبادلوا غنائم اليوم.. اللورد هيدي لجاوين أي حاجة اصطادها وجاوين هيدي للورد أي حاجة حصل عليها أثناء وجوده في القصر. جاوين وافق على مضض وهو مش عارف هيحصل على إيه يعني في القصر غير الأكل والشرب؟
أول يوم، اللورد بيخرج للصيد في الغابة وجاوين بيفضل قاعد في غرفته كافي خيره شره، فجأة بيلاقي زوجة اللورد داخلة عليه دخلة حمدي الوزير ومصممة تنام معاه. جاوين اتصدى لمحاولاتها ولكن سابها تبوسه بوسة واحدة بس. المهم اللورد رجع وراح لجاوين وأعطاه غزال اصطاده وطلب من جاوين يدي له غنيمته. جاوين عمل إيه بقى؟ راح قايم وباس اللورد.. آه والله. اللورد قِلق منه وبص له من فوق لتحت كده بس ماحاولش يستفسر عن سبب القُبلة. اليوم الثاني اتكرر نفس السيناريو، اللورد رجع وأعطى جاوين خنزير بري وفي المقابل جاوين باسه بوستين. اليوم الثالت، زوجة اللورد برضه حاولت مع جاوين – ما شاء الله ست لا تكل ولا تمل – ولكن المرة دي أهدته وشاح أخضر زعمت إنه مسحور وإنه هيحميه من الفارس الأخضر وفي المقابل أخدت من جاوين ثلاث قُبلات. اللورد رجع وأعطى لجاوين ثعلب وفي المقابل جاوين باسه ثلاث مرات.. اللورد سأله “متأكد دي كل حاجة حصلت عليها النهاردة؟” جاوين عمل فيها عبيط وقال “آه والله يا سعادة اللورد.. هكدب عليك ليه؟”

المهم جاوين بيسيب اللورد وزوجته واللبش ده وبيروح للكنيسة الخضراء. جاوين بيوصل وبيلاقي الفارس الأخضر مستنيه. جاوين بيعطيه الفأس وبيركع أمامه علشان يضربه بيه، الفارس بيرفع الفأس من هنا وجاوين بيجفل شوية (له حق برضه) فالفارس بيتريق عليه ويقول له “إيه شغل العيال ده يا عم! بقى أنت فارس أنت؟”.. الفارس الأخضر بيرفع الفأس للمرة الثانية بس بيهوش بيه جاوين وفي الأخر بيضربه ضربة ضعيفة جدًا بالكاد سببت له جرح بسيط. الفارس بيسيب الفأس وبيقعد يضحك وبيتحول أمام أعين جاوين المذهولة للورد القصر. اللورد بيقول إنه هو الفارس الأخضر وإنه كان بيختبر شجاعة وأمانة جاوين وإن الضربة الأخيرة دي اللي جرحته سببها إخفاء جاوين لموضوع الوشاح عنه. جاوين بيعتذر وبيطلب الصفح من اللورد وبيتصالحوا وبيبقوا سمنة على عسل وبيسيبه يرجع بيته في سلام.
القصة كعادة الأساطير الآرثرية بتأكد على صفات الشجاعة والشهامة والأمانة اللي لازم يتمتع بها الفرسان، ورحلة جاوين من قصر الملك آرثر للكنيسة الخضراء هي رحلة اكتشاف للذات وترسيخ الصفات السابق ذكرها فيها. سنة 2021 المخرج والمؤلف الأمريكي ديفيد لاوري David Lowery عالج القصة دي وقدمها في صورة سينمائية مثيرة للتأمل في فيلم يحمل عنوان “الفارس الأخضر” The Green Knight.

<تحذير حرق> الفيلم بياخد القصة كأساس له لكن لاوري بيدي لنفسه الحرية لتغيير الكثير من التفاصيل علشان يعكس رؤيته. يعني مثلاً في الفيلم بنشوف أن أم جاوين، وأخت آرثر، ساحرة وهي السبب في ظهور الفارس الأخضر ده اللي اتحدى ابنها. الفيلم كمان بيزود أبعاد لشخصية جاوين مش موجودة في القصيدة الأصلية، زي أنه شاب عايش حياته بالطول والعرض ومقضيها شرب وعربدة، وده مخليه حاسس أنه لا يستحق الفروسية أو رعاية آرثر له، وعلشان كده لما بيظهر الفارس الأخضر بتبقى فرصة مناسبة أنه يثبت نفسه قدام خاله وبقية الفرسان. رحلة جاوين في الفيلم مليئة بالكثير من العجائب والغرائب اللي القصيدة مابتسردهاش بس في النهاية بيوصل لنفس اللورد وزوجته وبتحصل نفس عملية التبادل. الفرق الجوهري بقى في نهاية الفيلم لما جاوين بيروح للفارس الأخضر وهو لابس الوشاح الأخضر.. جاوين بيجفل مع أول ضربة، ومع ثاني ضربة بيهرب وبينفد بجلده. الفيلم بيورينا إزاي أن بعد ما جاوين رجع لمملكته الناس احتفلت بيه، على أساس أنه تغلب على الفارس الأخضر، وبعد موت آرثر بقى هو الملك، ولكن المملكة في عهده بتتعرض للكثير من الهجمات وابنه بيموت في واحدة من الحروب وفي النهاية بيخلع الوشاح من وسطه ورأسه بتقع!
وقتها بنكتشف أن كل ده مجرد سيناريو متخيل دار في دماغ جاوين وهو راكع قدام الفارس الأخضر منتظر الضربة الأخيرة. جاوين بينظر للفارس بكل شجاعة وبيطلب منه يضربه.. وبينتهي الفيلم.
الفيلم تجربة مرئية مبهرة جدًا بس يمكن أحداثه الخزعبلية غير المنطقية تحتاج لبعض من التعمق علشان نقدر نفهم وجهة نظر لاوري وقراءته للأسطورة. رحلة جاوين من أولها لأخرها كده زي ما قولنا هي رحلة رمزية بتمثل مرور جاوين بالصعاب والتحديات والمغريات علشان يقدر يفهم نفسه في النهاية. جاوين بينطلق في رحلته لمقابلة الفارس الأخضر وهو معاه درعه والفأس والوشاح الأخضر اللي أمه الساحرة قالت له يربطه حوالين وسطه علشان يحميه. جاوين بيقابل في طريقه بعض اللصوص اللي بيهاجموه وبيسرقوا منه الفأس والوشاح وبيكسروا درعه. جاوين خرج من بيته ومملكته وهو مُحمل بإيمانه (درعه، اللي كان مرسوم عليه صورة لمريم وعيسى) وبقوته وغرضه (الفأس) وبالحب والآمان (الوشاح). فقدان جاوين للحاجات دي في أول رحلته بتورينا أن فعلاً شخصيته ضعيفة وأن الإيمان والقوة والحب مش جزء متأصل في شخصيته ولكنه كان مستمدهم من بيئته الآمنة وعلشان كده فقدهم مع أول تحدي، وعلشان كده برضه كان لازم يقوم بالرحلة دي لفهم معناهم الحقيقي.

جاوين بيلاقي الفأس بعد ما بيساعد شبح أميرة في استرجاع رأسها المقطوع لجسدها.. ويمكن سبب رجوع الفأس له بعد الموقف ده بيرمز لإحساس جاوين بالغرض وقدرته على مساعدة الآخرين، وهنا بيكتشف أن الإحساس بالغرض مش مطلق وأنه بيعتمد على المنفعة المتبادلة. وعلى نفس المنوال، الوشاح اللي أعطته له أمه بيرجع له تاني في صورة الوشاح اللي بتهديه له زوجة اللورد، وجاوين بيكتشف أن إحساس الحب والآمان ممكن جدًا ياخد صورة الرغبة والتملك.
في مشهد مهم، رأس الأميرة المقطوع بيقول لجاوين إن الفارس الأخضر شخص هو عارفه كويس جدًا. وده يمكن أهم تلميح لهوية الفارس الأخضر من وجهة نظر لاوري (في الفيلم الفارس الأخضر مش هو اللورد).. الفارس الأخضر مش بس حد جاوين يعرفه كويس، إنما ده حد كلنا نعرفه كويس: الموت.

الفارس الأخضر بيجي لمملكة آرثر وجاوين بيتحداه بكل عبط واندفاع الشباب وهو ناسي الجزء الآخر من الاتفاق\اللعبة.. أن هيجي عليه وقت هو اللي هيركع قدام الفارس الأخضر علشان يقطع رأسه. جاوين بيدرك بعد كده أن بعد سنة أو مائة سنة فأن مقابلته مع الفارس الأخضر حتمية، ودي الحقيقة اللي كتير منا بينساها.. أو بيتناساها. ومن هنا نقدر نفهم ليه الفارس لونه أخضر وعايش في كنيسة خضراء.. زوجة اللورد بتتكلم عن ضراوة اللون الأخضر وإزاي أنه بيمثل قوة الحياة والموت في نفس الوقت، النباتات لونها أخضر بس برضه العفن لونه أخضر، اللون الأخضر هو اللي هيبقى بعد ما كل حاجة على الأرض تختفي. الحقيقة أن للألوان دور شديد الأهمية في الفيلم، جاوين بيخرج من المملكة وهو لابس رداء أصفر.. الأصفر زي ما بيمثل الحياة برضه بيمثل الضعف والسذاجة، وده بالظبط حال جاوين في بداية رحلته، لون الرداء بيتغير مع مرور جاوين بالتحديات وبيفقد زهوته بالتدريج ليتحول لأصفر مائل للإخضرار في نهاية الرحلة.
تمسك جاوين بالوشاح سواء اللي أهدته له أمه أو زوجة اللورد هو تمسك لإحساس زائف بالأمان والحماية من الموت، وللأسف ده اللي بيحصل مع كتير مننا لما، مش هقول بيهربوا، ولكن بيتناسوا وجود الموت من خلال التمسك بمسببات الأمان الزائفة زي الفلوس والسلطة والشباب وغيرهم. في السيناريو المتخيل اللي بيشوفه جاوين بعد هروبه من مواجهة الموت، بيعيش حياته فعلاً وبيتزوج وبيخلف وبيبقى ملك.. ولكن أي حياة تلك؟ جاوين بيفضل طول الوقت مهووس بالوشاح وبيفضل لابسه حتى وهو بيحارب أو بيمارس الجنس مع زوجته، جاوين بيعيش حياة مثقلة بالخوف والذنب.. حياة رجل ميت، وعلشان كده بيفشل فيها وبيفشل يستمتع بأي لحظة منها، وكأن الموت لحق به في حياته. في النهاية جاوين بيدرك أن الطريق الوحيد أمامه هو تقبل الموت ومواجهته وساعتها بس بيركع أمام الموت بشجاعة وبيصبح فارس حقيقي.. سواء الفارس الأخضر قرر يقطع رأسه أم لا.
من الأفكار المهمة في فيلم لاوري فكرة ارتباط الموت بالحياة والحياة بالموت. الموت والحياة في الفيلم مش ماشيين في خط مستقيم له بداية ونهاية ولكن بشكل دائري بيربطهم ببعض. لاوري موضح الفكرة دي مش بس من خلال أحداث الفيلم ولكن من خلال حركة الكاميرا اللي بتلف 360 درجة بشكل رأسي وأفقي في أكثر من مشهد، ده خير التلميحات اللي بيرميها لنا زي دائرة تعاقب الفصول في عرض العرائس اللي بيروي قصة جاوين مع الفارس الأخضر. مع كل تحدي في رحلته جاوين بيواجه الموت وبيموت (بنشوفه بيموت قدامنا في مشهد فعلاً) وبعدين بيرجع يكمل رحلته تاني عادي خالص. وده معناه أن الموت مش دائمًا نهاية ولا أن الحياة دائمًا بداية.. وإنما الاتنين مراحل متعاقبة في دائرة أكبر من أن نفهمها. مش بس كده، ده كمان الاتنين ممكن يتواجدوا مع بعض في نفس الوقت.

واسمحوا لي هنا أحود شوية على فيزياء الكم واعتذر مقدمًا عن شرحي العبيط وفهمي الكلابي للموضوع. من المبادئ الأساسية في فيزياء الكم مفهوم التراكب superposition اللي بيقول إن الجزيئات ممكن تتواجد في أكثر من حالة في نفس الوقت، يعني الجزيء في حالته الطبيعية بيتحرك لفوق ولتحت في نفس الوقت ومحاولاتنا لقياس حركة الجزيء هي اللي بتفرض عليه اتجاه معين. الكلام ده يفكرنا شوية بتجربة شرودينجر Schrödinger الشهيرة مع القطة وإزاي أن القطة، بمفهوم التراكب ده، حية وميتة في نفس الوقت وأن بمجرد فتحنا للصندوق بنفرض عليها حالة معينة، حياة أو موت. فيه مدرسة تانية بتقول لأ مفيش الكلام ده والقياس مابيفرضش واقع ما على الجزيئات ولكن فيه أكثر من واقع متواجدين مع بعض، ودي النظرية اللي اتسمت بنظرية العوالم المتعددة. من التجارب الافتراضية اللطيفة اللي بتحاول تثبت النظرية دي تجربة اسمها الانتحار الكمي quantum suicide، ببساطة شديدة التجربة دي عاملة زي تجربة قطة شرودينجر ولكن من وجهة نظر القطة. التجربة بتحط شخص أمام مسدس فيه عدد معين من الطلقات وفي كل مرة المسدس بيضرب الشخص ده فيه احتمال يعيش أو يموت، فالتجربة بتقول لنا إن لو الشخص فضل عايش بعد انتهاء التجربة فده بيثبت أن مع كل طلقة بتطلع من المسدس العالم كان بينقسم لعالمين واحد فيهم الشخص بيموت والعالم تاني بيفضل حي، وبما أن الوعي هيفضل مستمر بس في حالة الحياة يبقى الشخص ده هيفضل عايش لنهاية التجربة. بالنسبة لنا احنا – كمشاهدين للتجربة – الشخص ده هيموت في مرحلة ما، ولكن ده هيبقى في عالمنا بس، لأنه في عالم آخر هيبقى لسه عايش.. وهكذا.

بغض النظر يعني عن واقعية الفكرة بس لها بعد فلسفي لطيف بيفترض أننا طول الوقت موجودين في حالة من الموت والحياة. الساندوتش اللي أنت بتاكله دلوقتي ده في عالم ما هيسممك وتموت بس في عالم آخر أنت لسه حي وبتقرأ كلامي، الحادثة اللي عملتها وأنت صغير قد تكون تسببت في موتك فعلاً بس في عالم آخر أنت لسه حي.. حتى الأشخاص اللي فقدناهم ممكن يكونوا لسه أحياء في عوالم أخرى ومش مدركين أنهم ماتوا بالنسبة لنا. طيب إيه علاقة الجنان الفيزيائي الفلسفي ده بجاوين؟
جاوين نفسه في حالة من التراكب اللي اتكلمنا عليها فوق.. هو حي وميت في نفس الوقت. أشرت قبل كده أن في أكتر من مرة في الفيلم جاوين يبدو كأنه مات قدامنا بس ممكن تكون دي اللحظة اللي بنسيب فيها جاوين الميت وبنكمل مع جاوين الحي في عالم آخر.. وبنكتشف أن علشان جاوين يواجه الموت ويتقبله لازم يموت، حرفيًا. بس هنا الموت مش نهاية لحياة جاوين، وإنما مجرد نهاية لبُعد أو نسخة ما من جاوين، لأن جاوين هو مُجمل كل العوالم والحيوات دي اللي مع كل موت، قد يبدو مُحقق، بيفتح لنفسه عوالم واحتمالات لانهائية من الحياة.
دمتم في تصالح مع الفارس الأخضر.
